الأربعاء، 14 مايو 2014

عدالة كل الصحابة بين الوهم والحقيقة ابو هدى العراقي

عدالة كل الصحابة بين الوهم والحقيقة
ابو هدى العراقي
الصحابة مفردها صحابي وهو مصطلح تاريخي يقصد به من صاحبوا رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم وآمنوا بدعوته, والصحبة في اللغة هي الملازمة والمرافقة والمعاشرة, رافق الصحابة رسول الله محمد بن عبد الله في أغلب فترات حياته بعد الدعوة، وساعدوه على إيصال رسالة الإسلام ودافعوا عنه في مرات عدة, وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم قام بعض الصحابة بتولي الخلافة في الفترة التي عرفت بعهد الخلفاء الراشدين، وتفرق الصحابة في الأمصار لنشر تعاليم الإسلام والجهاد وفتح المدن والدول, وقاد بعضهم الاخر العديد من المعارك الإسلامية في بلاد الشام وفارس ومصر وخراسان والهند وبلاد ما وراء النهر.
وبسبب كونهم عرفوا بصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال بعض المسلمين بعدالتهم جميعا دون استثناء, إذ إتفق أهل السنة على أن جميع الصحابة عدول، وهذه الخصيصة للصحابة بأسرهم، ولا يسأل عن عدالة أحد منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه، لكونهم على الإطلاق معدلين بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم، واختياره لهم بنصوص القرآن:
قوله تعالى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ } سورة البقرة, الآية 143.
وذكر القرآن: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} سورة الفتح, الآية 29.
وفي نصوص الحديث الشاهدة بذلك منها: حديث أبي سعيد المتفق على صحته عند اهل السنة :{ أن رسول الله قال: "الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد أذاني، ومن أذاني فقد أذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه"}.
ولكن من المؤاخذات على تلك النظرية " نظرية عدالة الصحابة " هو قول رسول الله صل الله عليه وآله وسلم في رواية ذكرها البخاري في باب الرقاق/ في الحوض بتسلسل 6585 قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (( يَرِدُ عَلَيَّ يَومَ القِيَامَةِ رَهطٌ مِن أَصحَابِي، فَيُجلونَ عَن الحَوضِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصحَابِي! فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا عِلمَ لَكَ بِمَا أَحدَثُوا بَعدَكَ، إِنَّهُمُ ارتَدُّوا عَلَى أَدبَارِهِمُ القَهقَرَى)), وكذلك رواية ذكرها البخاري في باب الرقاق/ في الحوض بتسلسل 6587 ((حدثنا ابراهيم الحزامي .. عن ابي هريرة عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" بينما انا قائم اذا زمرة حتى عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلم، فقلت اين؟ قال: الى النار والله، قلت وما شأنهم قال انهم ارتدوا بعدك على ادبارهم القهقرى)).
هذه الاحاديث بالاضافة الى الايات القرآنية ذاتها التي ذكرت كدليل على عدالة الصحابة نجد هناك استثناءات وتمييز وعدم شمولية لكل الصحابة ففي الآية 143 من سورة البقرة وجود ضابطة وهي اتبع الرسول وعدم الانقلاب على العقب, وكذلك الآية 29 من سورة الفتح نجد فيها شروط مهمة وهي الايمان ومن بعده العمل الصالح , وهذه الايات تؤكد ما جاء في الحديثين اللذان ذكرهما البخاري اللذان يكشفان ان بعض من الصحابة سوف يساقون الى النار, وهذا ان دل على شيء فانه يدل على انتفاء نظرية عدالة كل الصحابة, فكيف يساق العادل الى النار اذا لم يكن منحرفا او ضالا او ابتعد عن نهج الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم في فترة حياته او بعد وفاته ؟ وخصوصا بعد وفاته حيث ان الحديث يشير ان الرسول يقول هؤلاء اصحابي لماذا يساقون الى النار ؟ فيأتيه الرد بانه ردوا على ادبارهم القهقري.
وهنا تنتفي نظرية عدالة الصحابة جملة وتفصيلا ولا يمكن القول بان كل الصحابة عدول, ولا يمكن الترضي عليهم جميعا, وفي تعليق للسيد الصرخي الحسني - في محاضرته العقائدية التاريخية السادسة عشر - على الاية الكريمة من سورة التوبة 101{ وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ }, يوجد تصريح وجود منافقين في المدينة وحولها وقد خفي امرهم حتى على الرسول الكريم منطبقا عليهم عنوان الصحبة مشيرا الى:
1- يوصف الصحابة بالنفاق وانهم سيكونون في نار جهنم فلا يعني ان نخرج كل الصحابة من الاسلام ونقول ان كل الصحابة من اهل النفاق ويكونون في نار جهنم.
2- اذا انطبق عنوان الصحابي على المنافق كيف نقول بعدالة الصحابة وكيف نلزم انفسنا بالترضي على جميع الصحابة هذا الشيء غير صحيح ومخالف للنهج النبوي والالهي.
متسائلا سماحته كيف يميز بين الصحابة المنافقين من غيرهم وكيف يؤخذ الدين من هذا الصحابي ومن هذا الصحابي من هذا التابعي ام من هذا التابعي وهذا التابعي تبع هذا الصحابي ام ذاك الصحابي ؟ مؤكدا ان بعض الصحابة تلبس بالنفاق بل مرد على النفاق بنص القرآن.
وتابع سماحته بذكر بعض الشواهد القرآنية عن المنافقين وأهل النفاق مبينا انه يوجد منافق وكافر ومنافق ومشرك وبالمقابل يوجد الصادق والمؤمن الذين ذكرتهم الايات الشريفة, مذكرا انه يوجد ناس يحشرون يوم القيامة بعنوان منافق والبعض الاخر بعنوان الكافر كذلك يوجد عنوان الصادق والمنافق.
https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=VLWFb2EghwU



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق